Wednesday, November 3, 2010

طرق للتواصل مع العالم العربى بأفكار الكنيسة الروحية

من الامور الُمسلم بها أن هناك عاملين رئيسيين يتحكمان فى كيان الانسان و تكوين شخصيته, و هما جيناتة الوراثية , و بيئيه المجتمعية, فالانسان هو أبن لبيئته و مجتمعه, لذلك نجد التباين بين انسان و أخر تبعا لظروف النشأة و الموطن و الثقافة, كذلك الحال أيضا بالنسبة للمجتمعات, فلكل مجتمع سمات خاصة تميزه عن غيره من المجتمعات الاخرى. فالمجتمعات الغربية من جانب لها بعض السمات التى تميزها مثل التحرر , العملية و السرعة, أحترام القيم الانسانية و حقوق الفرد, و تقديس العلم. على الجانب الاخر المجتمعات الشرقية و بخاصة العربية تتميز بالتحفظ و التقليدية, البطء و التأمل, أزكاء المجتمع على الفرد, تأليه الزعماء , و تقديس الدين و رجاله.
نستنتج مما سبق انه لكى نتواصل مع مجتمعنا العربى يجب علينا أن نجتهد لنستلهم طرقا و أساليب مبتكرة لنواكب هذه السمات و نتوافق معها و نفى نفس ذات الوقت نؤثر فيها, حتى و أن كان من أغراضنا هو تغير بعض من هذه السمات (السلبية منها), فأنه من المنطقى أن الخطوة الاولى فى التواصل تتطلب الاقتراب و جذب الانتباه, و أثارة حواس هذا المجتمع , و نحن لن نقدر أن ننجح فى أتيان هذا الأنتباه و الاقتراب طالما أعتمدنا على الطرق الكنسية التقليدية فالتكلم الى المجتمع بلغة و بطرق هى بعيدة كل البعد عن سماته و ملامحه و غير متوافقة معه هو تعميق للفجوة و العزلة المسيحية العربية. و هذا سيؤدى بنا الى مزيد من الاغتراب عن مجتمعنا و كأننا نريد أن نعتكف بعيدا عنه لنتقى شره ولكى يتركنا وشأننا و للأسف فأن هذا هو حال كنائسنا العربية اليوم و أذا استمر هذا الحال فسيلفظها مجتمعها كجسم غريب, و سيبحث الله أيضاعن بيديل عنها ليتواصل من خلاله مع المجتمع العربى ليعلمه طرقه و يرده الى الروحانية الحقه بطرق متنوعة, على العموم لست بصدد نقد لطرق الكنيسة الحالية بل لأقتراح طرق مبتكرة للتواصل مع المجتمع العربى:
أولا: المجتمع العربى كما ذكرت سابقا هو مجتمع محافظ لذلك فهو معتاد على التقليدية منذ امد طويل و بخاصة فى المجال الروحى الدينى, بالتالى فأن أستخدام طرق الوعظ والارشاد التقليدية أو أساليب النصح المباشر هوأسلوب غير مُجدى مع هذا المجتمع فى الوقت الحالى, ينبغى التواصل مع المجتمع العربى من خلال وسائل الاعلام الحرة و بخاصة الأنترنت حيث يجد فيه الكثيرين من العرب ملجأ و ملاذ للتحرر من قيود المجتمع و للتعبير عن أنفسهم ومناقشة جميع المواضيع الهامه وغير الهامة بغير قيود فمواقع البالتوك والفيس بوك علي سبيل المثال تعتبر بمثابة المنابر المعاصرة التى يمكن من خلالها التخاطب مع المجتمع العربي و توصيل رسالة المسيح اليها بصورة غير مباشرة و غير تقليدية و انصح ان يتم ذلك بأستخدام هذه المواقع و غيرها و لكن ليس عن طريق انشاء او استخدام غرف او مواقع مسيحية بل من خلال مناقشة مواضيع هامة (سياسية اجتماعية رياضية او دينية) كقاعدة نبني عليها و ننطلق منها الي مانريد ان نوصله برسالة روحية .
ثانيا: المجتمع العربي بصفة خاصة يضع العلاقات الشخصية قبل المبادئ علي عكس المجتمعات الغربية فلكي نصل برسالة الكنيسة الروحية الي هذه المجتمعات ينبغي ان نبني جسور قوية من العلاقات مع افراد هذا المجتمع (علي عكس ما يحدث وهو التقوقع و الانعزال) لذلك اقترح ان نبدأ من الان في تكوين شبكة من العلاقات الصحية القوية بيننا و بينهم نظهر فيها بقوة المحبة والبذل و الاخلاق و القيم لتكون قاعدة صاروخية في المستقبل لإطلاق الثقة وابهار المجتمع و كسب قلبه حينئذ نعرض القيم و الرسالة التى ستلقي قبولا و احترام اوسع مما لاقته وقت العزلة و الغموض.
اخيرا فإن المجتمع العربي له سمات ادبية خاصة فهو مجتمع عاشق للشعر و الطرب و الروايات والمسلسلات اكثر من الغرب لذلك اقترح ان تركز الكنيسة في انتاج مثل هذه الابداعات الادبية من اغنية خفيفة تحمل رسالة روحية ( ليست ترنيمة في الكنيسة ولكن اغنية للمجتمع) و كذلك مسلسل جذاب (و ليس ممل ) يحمل مبادئ مسيحية في طياته و لا انصح ان تكون الرسالة مباشرة بشكل وعظي ، لذلك يجب مراعاة ان تكون لغة الحوار مفهومة للمواطن العربي العادى و ان يكون المسلسل ذو احداث جذابة و به ممثلين موهوبين و ليسوا من فاشلي الكنائس, و من الممكن ايضا انتاج روايات قصيرة بنفس الروح دون وضع صورة الاباء الكهنة علي الغلاف, وحتى تشجيع الشعراء لكتابة شعر عربي حديثا ذو رسالة مسيحية مختلفة حتى يفهمها المجتمع .
في النهاية فإن كنيستنا العربية سواء القبطية او الكنائس الاخرى هى جزء من المجتمع العربي المعاصر و لا يمكن ان نظل ندعي اننا فقط أصحاب اصول فرعونية ، او اخلاقيات غربية ونفصل أنفسنا عن مجتمعاتنا بل يجب علينا ان نتطيع أوامر رأسنا المسيح الذي امرنا ان نذهب الي العالم اجمع مبتدئين من مجتمعنا (اورشليمنا) مستخدمين كما الرسل كل الوسائل التقليدية و الغير تقليدية المباشرة و المستترة بلا كلل او تواني و الا حُسبنا من الله كعصاة او جاهلون واستحقنا اجر الجاهلين الذى هو أرحم من أجر العاصاه.